عبد الحفيظ مدير المنتدى
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 07/06/2009 العمر : 33 الموقع : طاطا (ادولسطان)
بطاقة الشخصية idawlstan:
| موضوع: لحن من بين التلال الثلاثاء يوليو 19, 2011 5:14 am | |
| لحن من بين التلال في الحقول تفتحت الزهور كل الليل , وعلى تلة مجاورة , طلعت شمس الصباح برأسها الفضي المصفر والساطع وألقت بشعائها على سجادة من ضباب كانت قد غطت المنخفضات وبدأت تلاشيها بسيل من حرارتها المتدفقة.
من مدخنة بيت الفلاح الطيني الذي تخلل أشجار عالية , كان دخان موقد شاي الفطور يخرج من سطحه ليستقر بين الأشجار وينشر عبق العيدان المشتعلة في هذا اليوم الباكر.
في حوش الدار كانت أربعة أحصنة مربوطة تنتظر , ويفسد سكونها حصانِ أبيض قلق أطل برأسه من باب منخفض لأسطبلٍ قريب , يصهل أحتجاجاً بين حين وآخر وهو يرى أربعة ذكور لايعرفهم , حطوا أمامه. في المنزل وحول سفرة الفطور المأكول وأقداح الشاي الفارغة سرعان ما قرأ المجتمعون سورة الفاتحة وبعد أن أنتهوا من أحاديث قصيرة دارت بينهم . نهض الفلاح الشاب الذي عاش لوحده معزولاً عن قبيلته التي تركها وبعد أن رفض عمه الطمّاع أن يُزوجه أبنته التي كان يحبها وتحبه وبعد غرامٍ أنتشر أنبائه بين سكنة البساتين والمزارع, وذهب وبأنحناء ليأخذ بيدي رجلٌ عجوز جالس بين الحاضرين ويدنو برأسه نحو الأسفل ويقبلهما قبلة الولاء والرضى وليقول بعدها وبنشوة عارمة , شكراٌ عمي أبراهيم . لقد جاء عم أرسلان وبصحبة أبنائه الثلاثة وقبل الشفق ليُعلن له عن موافقته في تزويجه أبنته آيدن .
لم يعرف بعد بأن حبيبه أصيبت بالعمى من أسى الفراق وقبلها كانت ستقتلُ نفسها من خنجر مسمومٍ طعنت نفسها به عندما جرب أبيها تزويجها لشيخ غني , وأن الأصابة البالغة أبقتها طريح الفراش تصارع فيه الموت لأسابيع وقبل أن تشفى.
في الطريق الى الديار كان أبن عمه قورط يدنو منه بحصانه ليخبره عما آلت اليها أخته والمصائب التي حلت بها بشكل أو بآخر. ولكن العريس كان قد سرح وهو يعدو بجواده مع الركب ويفكرُ بلحظة اللقاء وكيف تبدو بعد سنتان فراق وبالكلمات التي سيقولها وبأن الله أستجاب لدعائه ولكنه لم يفهم الطريقة التي زاره بها عمه وتسليمه في أعطائه أبنته والتي عدت غريبة عن كل آداب القبائل التركمانية وقال لنفسه بأن عمه قد أشفق عليه وما قدر أن يصمد , لرابطة دم بينهم . كانت أشجار السرو الخاصة بالقرية التي لم يرها من وقت بعيد, تطل برؤوسها من الأبعاد وعلى التلال المحيطة رعت الأغنام كالعادة وشوق مصحوب بمشاعر من الفرح واللوعة تغمر كيانه وتهزه ومن ثم تصبها خارجاً في سيل من دمع ملئت حدقاته تدفقت نحو وجنتيه وحتى أذنيه. في المقدمة كان العم الهرم والجشع لم يأبه لآلام في الظهر ولا لصحة سائت في الآونة الأخيرة بقدر ما كان يفكِر ُبالمال الكثير الذي كان سيجنيه من تزويج أبنته لرجل ثري من قببلة مجاورة يمتلك ألوف الماشية وقطعان من الخيل , ويتمنى بأنه لم يكن له أخ يوماً ولا أبن أخ معتوه يدعى أرسلان . أبتعد قورط من أرسلان وقرر عدم أبلاغه الأنباء الحزينة وبعد أن رأى وجهه يشع من غبطةُ عارمة وأقترب من أخيه الكبير وموحياً اليه برفعة الحاجبين بأنه فشل في مهمته. في غرفة الجلوس الكبيرة من بيت العم والمليئة بالنساء , أخذت آيدن مرآةُ يدوية ناولتها لها أمها ونظرت فيها مبتسمة لتلهم ضيوف غرباء بأنا تحدق في نفسها وبينما أياد تمسك بأمشاط من الخشب تمشطُ شعرها الطويل الأسود في الخلف .
| |
|