عبد الحفيظ مدير المنتدى
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 07/06/2009 العمر : 33 الموقع : طاطا (ادولسطان)
بطاقة الشخصية idawlstan:
| موضوع: الدنيا مظاهر .........محاولة بسيطة . السبت أكتوبر 30, 2010 4:58 pm | |
| .. عددنا فردي اليوم و أنا قلق للغاية لأنـّـي سأجد نفسي على خط التماس كالعادة ، فأنا دائما ما أكون آخر خيار و دائما ما أجد نفسي آخر المطاف ملتقط الكرات الطائشة ... بي رغبة كبيرة في اللعب اليوم، أرضَى أن يـُـسَـدّ بي الفراغ أو أكون حارس مرمى و أتمرغ في التراب " سأتدبـّـر وساخة ملابسي مع أمي ".. المهم أن ألعب ، ألستُ طفلا مثلهم ؟ أن أكون ليـّـِـنا و مسالما لا يعني أنـّـي لا أملك المهارات ، أن أكون الأذكى في الدراسة لا يعني أنـّـي لا أجيد الكرة و اللعب ، متى تأتي فرصتي ؟ لكن لو كنتُ ذكيا كفاية ما سمحتُ لنفسي أن أعيش القلق نفسه كل يوم .. ماذا أفعل يا ربي ؟.....
كنتُ أسبح مع تيار قلقي و أنا أنتظر لحظة إختياري عندما وقع نظري من بعيد على طفل غريب عن الحي و هو يعتدي على أحد الصغار، كانت أخت زعيم شلـّـتنا ، أردتُ تنبيهه للأمر علـّني أنال رضاه و أضمن اللعب لكن وقع في ذهني فكرة أفضل أو " كما اعتقدتُ " اعتبرتُ الأمر فرصة لإظهار قدراتي و مهاراتي للشـِلـّـة فرصة لن أضيـّـِعها من يدي " و يا ليتني ما فعلت "..
كان ذلك الطفل يرتدي ملابسا توحي أنه ليس ابن المدينة ، عرفتُ لاحقا أنه أتى ضيفا عند أحد الجيران و هو من منطقة داخلية ريفية ، لم يكن أطول منـّـي و لا أقصر وذاك ما أعطاني الإنطباع الخاطىء الأول ، فقد تهيأ لي أنه في مقدوري و أنني سأحسـّـن سمعتي على ظهره ، لم أكن أعلم أنه قد مرّغ أنف زعيمنا المغوار بالأمس و إلاّ لكنتُ فهمتٌ نظرات الدهشة في عيون أفراد الشـِـلـّة ، كانوا يعلمون انـّـي رميتُ نفسي في فم الأسد و أنا كالأبله كنت لا أفكر إلاّ في إرضائهم حتى أشاركهم اللعب ..
كنت قد ملأتُ صدري بالهواء و أظهرت ملامح الغضب و العنترة و سألته بنرفزة : لماذا تعدّيت على الصغيرة ؟. كان جوابه قصيرا هادئا مليئا بالتحدّي ، أحسستُ من خلاله أنـّـي في ورطة .. " و ما دخلك أنت ؟ ".. كان الوقت قد فات عن التراجع ، فكرتُ في عامل المفاجأة فألقيتُ ساقي على ساقه مع كل ما أملكه من قوة دفع لأسقطه لكن ذلك كان عبثا فالطفل الرجل لم يتزحزح من مكانه و كأن نخلة ضربت جذورها في المكان " استنتجتُ السبب لاحقا فهو ابن الريف مأكله كسرة الشعير وزيت الزيتون و مشربه لبن البقر و ليس الأكل المعلـّـَـب كحالي ..."
كانت ردّة فعله بطريقة مهينة لي ، فما هي إلاّ رفعة بسيطة من رجله حتى و جدتـُني كالريشة أطير في السماء و أقع على ظهري في مشهد مخزي وسط أصوات الدهشة من أفراد الشـلـّـة و ضحكات بعضهم ، و ما زاد الطين بلـّـة رؤيتي و أنا واقع على ظهري لـ " فاطمة " من على الشرفة تنظر إليّ بشفقة و واضعة يَدَيـْها على خديها .. أحسست حينها أني خسرت كل شيء "متعة اللعب مدى الحياة و حبيبة المستقبل"....... " يا ويـْـلي ، هذا ما قلته في نفسي لحظتها " و قمتُ في فرصة أخيرة يائسة و أنا ألقي بوابل من اللكمات الطائشة دون توقف " أظنها كانت القوة الكامنة التي تخرج وقت الحرج أو الذعر الشديد " فأصبته بواحدة مُحكمة على مستوى الأنف أفقـَدَته التوازن و انفجر الدم بعدها في مشهد رهيب ...
ساد الصمت قليلا وسط الدهشة ، ثم انفجرت حناجر الشلـّـة بأهازيج التشجيع و الفرحة " هيا أجهـِز عليه يا جميل ، إقضي عليه قبل أن يستعيد توازنه " .. هم لم ينتبهوا إلى نظرات عينيه ، كان الشرر يتطاير منها ، كان كالدّب الجريح ،كانت نظرات تقول أن دقائقي معدودة في هذه الحياة ... " فهمتها أنا " فقررتُ أن أطلق الريح لقدميّ و أفـِر بجلدي ، قررتُ أن أتخلـّـى على كل شيء " اللعب " " سمعتي و مهاراتي " ، " فاطمة " المهم نفسي نفسي ... لكن الله كريم ففي نفس اللحظة تدخـّـل أحد الشيوخ و فضّ المعركة و بعث كـُلا ً منا لذويه وسط الوعيد بالتصفية ..و حمدا لله من قبلي على نجاتي ..
كنت بعدها محظوظا للغاية فضيف الجيران الثقيل ولـّـى لقريته البعيدة و حالي إنقلب من النقيض إلى النقيض فقد صـِرتُ بطلا في نظر الشلـّة فأنا من قهرتُ الذي قهر الزعيم و تجلى ذلك لاحقا فقد أصبحت قطعة أساسية من الفريق و الخيار الأول ، بل أصبحت أنا من أختار .. و فاطمة ، آآآه من إبتسامات فاطمة اللذيذة و غمزاتها بعد تلك الواقعة ...
آآه كانت أياما جميلة ، ضربة حظ واحدة فتحت لي أبواب النعيم ، ذاك النعيم الطفولي .. آآآه ما أجمل أن يمشي المرء مرفوع الرأس منفوخ الصدر مسموع الكلام مهاب الجانب ...
| |
|