لطالما كان يحدق في ربوع الكون ، ير الاشجار تميس باعذب النسائم ، كبرت آلامه وتوسعت آماله توسدت كل هذه المعاني في آمله الذي بناه منذ زمن ، احس منذ البدء ان تلك الامال محاربة من قبل سلطان القدر ، يمر قرابة العام والنصف من الانتظار الطويل ، يقف خلف طوابير التصور ، ويرتاد الحسرة في اوقات التلاشي ، يمضي قرب منزلها في كل يوم ، يذرف دمعة ، يقبل ذلك التراب الذي يسير عليه ، تحسباً انها مرت من هنا ، اصبح يعشق كل ملابسه التي كان يرتديها عندما يتقابلان ،لانها كان تحمل عبق الحبيبة ، ولأول مرة شعر كيف يشم عطرها في بقايا روحه ، كيف تضج رائحتها في رئتيه، وتعلم بالمقابل كيف يتذوق مذاقات العلقم في ظل فراق لاحب يخترق مديات صمته عند لحظات الشوق ، وتعلم كيف تحترق الدماء شوقاً لابصار الحبيب لمدة ثواني ليس الا ، وتعلم كيف يعيش الاحتضار الذي لا يليه موت، منعه القدر من التربع على عرش الحلم قرر الوقوف باستحياء امام سمو تلك التضحية التي قدمها الى اقرب مخلوق لقلبه ، اخذ يراقب الشمس وهي تغزل خيوطها وتلقِ خمارها الى فضاءات الوجود ، ما زالت هناك قوة خفية تكتسح الافق ويربض خلفها شعاع لطيف يسامر الوجدان ، راح يتخبط وسط عالمه المحطم ، عالم تناثرت ذراته في ازقة الضياع وتمقت ايغالا في مدارات الشذوذ ، اغمض عينيه بعدما اغلقتها الدموع، هارباً صوب بريق امله ،صوب الطمأنينة والسلام وحلم اللقاء .